21 - 06 - 2024

اقرأني لتراني | عمرو خالد كمان وكمان!

اقرأني لتراني | عمرو خالد كمان وكمان!

(أرشيف المشهد)

  • 18-1-2015 | 20:53

انقلب الوسط الثقافى وسلط الهجوم على د. عمرو خالد وروايته لأدب الناشئة " رافى بركات" ربما حتى من قبل قراءة الرواية، هذا لأن الهجوم كان فكرة أن يتحول داعية دينى إلى كاتب روائي.على غلاف الرواية تجد صورة فتى صغير مصرى الملامح، وحين تقرأ الرواية تجدها شيقة، تجذبك من البداية للنهاية لتعرف ما الذى سيحدث لرافى اليتيم ذو الأربعة عشر عاماً وصاحب القدرات الخاصة الذى يبحث عن قتلة والديه وسر الأرض الرملية التى يأتى لها العلماء من الخارج فى بلدته. وفى رحلته لمعرفة الأسراريصل للقاتل وينقذ تاج محل فى الهند من التدمير على أيديهم. والرواية زَخِمة بالمعلومات العلمية والتكنولوجية والتاريخية وهو ما يميز أى عمل يٌقدم للناشئة، أن يكون تعليمياً وتنويرياً.

 لكن كاتب رواية رافى متعجل، يريد طرح كل الأسئلة الوجودية التى قد تواجه شاب مثل رافى والإجابة عليها بشكل أو آخر فماذا يترك  لعقل وخيال القاريء؟ ونحن نتعامل مع قاريء ذكى ومتمرد ويحتاج للتحدى وليس الإثارة فقط .الأهم أن الكاتب قرر أن الإجابات سيأتى معظمها من الكتب المقدسة، وهى أمهات الحكمة وأصلها. لكن الحكمة التى يعرضها د. عمرو خالد لا تٌكتسب سوى برحلة الحياة نفسها، ولاتٌستَشعر بحق إلا أثناء بحث السنين وأخطاء العمر الصغيرة والكبيرة معاً.

كان الأولى أن يري القاريء رافى ييأس بعد وفاة أبويه وسقوطه فى كنف عم جاهل وقاسِ وطماع، يثور، يخطيء، يتعلم وييأس ويفقد الأمل، ثم يتعلم شيئاً واحداً فقط، مثلاُ كيف يتحكم فى قدراته، بعد أن يستخدمها خطأً فى الشر فيتعلم التواضع والتحكم ويعلمه للقارئ ، وفى جزء آخر يتعلم شيئاً جديدا وهكذا. لكن رافى فى رواية واحدة تعلم أنه مميز، وتعلم قيمة الصداقة والعلم والعمل وصلة الرحم والبر بأهل القرية والمثابرة والإصرار والثقة بالله والوحدة الوطنية والمحافظة على الصلاة  وحرية الإختيارولم يخطيء ولا مرة وهو فى الرابعة عشرة من العمر! طب وبعدين؟ ماذا سيتعلم فى الثلاثين عاماً القادمة؟

أم أن رافى بركات سوبر مان؟ هذا ما قاله د. عمرو فى حفل التوقيع.."سوبر مان بس شبهنا"! بالضبط هذا ما أضعف العمل من وجهة نظرى وقذف به إلى  منطقة رجل المستحيل وأدهم صبرى رغم أن إمكانات العمل كانت لتؤهله إلى ما هو أكثر من هذا.

كنت أتمنى أن أرى  جانباً أعمق من حياة رافى النفسية ، تقلبات روحه، صعوبات حياته. هذا ما يميز حياة الصغار فى هذه فترة المراهقة، حتى لو كانت الشخصية متميزة .وكنت اتمنى ألا أرى الإجابات على كل الأسئلة متاحة ومباشرة. التحدى فى الكتابة يأتى فى طرح الأسئلة ،فقط التلويح بالإجابات وأحيانا طرحها فقط. لو كنت أقرأ الرواية بهدف التحرير كنت سأزيل 50% من الربط المباشر بالدين، أحتفظ بالشخصيات الدينية لكن سأقلل من ظهورها الدرامى وسأترك النهاية مفتوحة لرافى ولأهل البلد ومن بعدهم القاريء للأسئلة والبحث. الحياة لاتعطى إجابات سهلة ولا مباشرة ،بل تعطى طرق للبحث والتعجب والدهشة والمقاومة. هذا  من أكثر ما يحتاجه الصغار.

رافى بركات مشروع أكبر من رواية لكاتب ، ورافى نجم يتمنى صانعه أن يلتف حوله الشباب أكثر منه شخصية درامية فى كتاب، ولن أتعجب لو تحول رافى إلى فيلم ومسلسل كارتون وأصبح  له تذكارات . وسواء إختلفنا أو إتفقنا مع عمرو خالد، فالرجل لم يدعو طوال ما يزيد عن عشرين عاماً إلا لمكارم الأخلاق، وربما رافى بركات –مع ما ينقصه الآن من الحبكة الروائية الخبيرة--هو مدخله الجديد لتنويروتحفيز جيل صغير واعد لم تهزمه الحياة بعد.

مقالات اخرى للكاتب

فى رثاء الخالة: متلازمة الصدمة





اعلان